اقتباسات من كتاب مشاعر لؤلؤئية للكاتبة آلاء محمد عبد الغني
احتمل لأخيك سبعين ذلة
كتبتها وقرأتها ومِن ثُم صفنتُ بها قليلًا وخُيِّلَ لي أن الحائط الذي أمامي يبتسم ! ومن جواري شخص يقول :-
أتعُدينَهُم أم ماذا؟! لا تُتعبي ذاتك لن تستطيعي؛ فلقد حاولت من قبلك أكثر من مرة وفشلت بالتأكيد .. فنظرتُ له كي أجد نفسي وحيدة في الغُرفة، وحينها أدركت أن ذلك يحدث دائمًا وأنا التي اتحدث في كلا الحالتين ! فوَجَّهتُ عيني إلى يساري قليلًا وتحدَّثت بصوتٍ خافت بالكاد أسمعهُ أنا، وقلت :-
لكني أنا من أختلِقُ لهم الأعذار وأحتمِلُ المآسي وأنا راضية تمامًا ! فلتَبتعد أيُها الشيطان عني، ودعني أدخل الجنة بِسلامًا '..
مرت عليّ العديد من السنوات أو ما يُقارب تحديدًا الإثنى عشر عامًا وأنا أزور كل يوم طبيب مُختلف عن الآخر ولسببٍ مُختلف أيضًا .. دَعْني أّخبرك حقيقة الأمر يا صديقي، فأنا أزورهم لنفس السبب ذاته ولكن تختلف أقوالي ويختلف الدواء، وأنا بطبعي اتجاهل كل أنواع الأدوية ولا أقترب منهم مِن الأساس، ولكن أذهبُ بناءًا على رغبة أُمي في الإطمئنان عليّ ... وهذا العام أردتُ أن التزم بعلاجي وأرى النتائج لرُبما أُشفى ! ولكني أود طمئنتُكَ يا عزيزي أن التعب قد تمَكن مني أكثر وأنا الآن في فراش الموت، أظن أن التجاهل لطالما كان حلًا مثالي لِكل شيء .. أليس كذلك ؟!!
" بصيصٌ مِن الأمل "
مُبْتَدِئة حديثُها بكسور تخرج من جوفها، ونبضات قلبها تتباطئ بمرور اللحظات، ونظرات تخترق الآفاق، تقول أن هشاشتها لطالما كانت مِن الداخل، ولكن ما يُثير ذاك الجزء الصغير في رأسها؛ أن كيف تسلَّلت لِتَصل لخارجها وتُظهِر للعالم أنها صارت حُطامًا ؟
حدَّثتني عن أحلامها التي حُرقت حتى أمست رمادًا، وعن أصدقائها الذين قطَّعوا أحبال الوِصال إلى أشلاء، ولم يعُد للوفاء بينهم مكان، وعن عائلتها؛ عندما ألقت بها إلى طُرقٍ مُقفلة عمياء، وحدَّثتني عن ربها، ولكن بإبتسامة حسناء، تعجَّبت لظهورها بين هذه الأعباء ! ونظرةُ لامعة، وكأن الطريق أمامها قد شُقَّت وتحوَّلت إلى زهور تقف عليها العديد مِن الفراشات في كل مكان !
وقالت : - اذهب إلى ربي وأُصلِّ له ركعتا قيامٍ في جوف الليل؛ فأرى نورًا يمتد على آخر بصري، وأرى الحياة أمامي مُزهرة، وكأن الفرج قد اقترب ..
وكأنه مازال في قلبها " بصيصٌ مِن الأمل "
تراجعتُ للخلف قليلًا، ونظرتُ لهم بعدم استيعابٍ لِما حدث لي منهم جميعا، لا أُصدِّق ! كيف صَدَرَ هذا التوحش منكم أنتم ؟ أنتِ يا مَن تُلَقبين نفسكِ بصديقتي، ما الذي أدهاكِ يا عزيزتي؟ قدمتُ لكِ قلبي سالمًا كله لكِ دون مُقابل، وحُبًا، وجعلتُ الورود تُزينُ سماءَكِ، وفاءٌ وإخلاص، وتضحيات بأكبر الأشياء لِأجلكِ ولِأجل إرضائك، كيف! كيف استطعتي طَعْني بِكل هذه الوحشيه؟ ألقَيتي بي من أعلى قمة جبل الوفاء؛ الذي بنيته أنا لكِ، كنت دائمًا ما أُساهِم في أن أجعله شاهقًا، لا يستطيع احدًا غيرنا تَسَلُقه، وفي النهاية ماذا حدث ؟ غير أني رُميت مِن أعلاه بيداكِ البارِدَتان ! لست وحدك من قتلني، فجميعكم قد أجْمَعْتُم واتَحَدْتُم على إنحلال قلبي، وتمزقه الى أشلاء .
كاد رأسي أن ينفجر، رفعت رأسي عاليًا، ونظرت إلى السماء؛ داعية ربي أن يُهوِّن عليَّ هذه الأيام الخاوية، ويرحم ضعفي ..
وإذْ بي أرى طيرًا مُهاجرُ، و يُحلِّق في السماء كما يشاء، لا قيود تَحِدَّه، ولا المباني العاليات تلتف حوله فيَختنِق؛ فأدركت حينها، أني أنا العصفور المكسور جناحه؛ فإنه يُحاول الطير ولكن دائمًا ما تبوء كل مُحاولاته بالفشل، فيكتفي بالنظر لأصدقائه وتشجيعهم، وهو البائس الحزين، الذي لا يجد من يداوي كَسْره .. تمنيتُ أن لو كنت طائرًا بجناحين، يُرفرف في كل أرجاء كَوْنه ! .
0 مراجعة