قصة الرهان المميت البارت الرابع للكاتبة / أسماء يماني

 

قصة الرهان المميت البارت الرابع للكاتبة / أسماء يماني

لم يكف ما مر به لكن الآن أصبح قاتلًا، ومجنونًا ومُطاردًا من قِبَل الجان والشرطة، وكان يهرول مسرعًا حتى وقع في حفرة عميقة، ولينهض من نومه في فزع ويتنفس الصعداء، فيقول حمدًا لله إنه حلم ليس حقيقة، فتحرك من مضجعه لخارج الغرفة وردف بجانب المنضدة، وإذا الكتاب الذي عثر عليه مُلقى فوقها ومفتوحًا على صورة شاب مقتول مُلقاة على الأرضية، لينفزع "ياسر" من المنظر، اقترب من الكتاب فإذا بصفحاته تتقلب سريعًا من تلقاء نفسها، ويُرسَم طريق شارع وفي آخره صورة المكتبة الذي يبحث عنها، فاقترب من الكتاب وأمسكه بيده بشدة، وقال:" أين هذا المكان؟" إذ فجأة وجد نفسه خلال لمح البصر في المكتبة ويلتفت ليبحث عن بائع الكتب، فيظهر كائن مُظلم ذو حوافر طويلة ويقترب منه مسرعًا، ويقول:

- يجب أن تُلوث يدك بالدم؛ لكي لا تموت، هذا طقس تُقدَّم فيه أضحية كل عشرين عامًا؛ ليتجدد عهدُنا، لقد وقع عليك الاختيار؛ لتكون أنت من يُقدم لنا الأضحية، وفي سبيل ذلك سنكون فى خدمتك أنا وقبيلتي بأكملها ومُسخرين لك.

كان ياسر لا يُصدق ما يسمع وكاد يسمع دقات قلبه ويستشعر  حالة الخوف والرعشة التي أصابت جسده بأكمله، وقال له بصوت متلعثم:

- أنا لم أفعل ذلك بإرادتي ولا أريد أن أُلوّثَ يدي بدم أحد ولا أريد خُدامًا منكم أو أتعامل معكم، ثم اقترب إليه هذا الكيان فى وضعية متقاربة أمام عينيه اللتان أصبحتا لونهما مثل الدماء وقال بأنفاس كريهة: 

- لقد وقعت قدمُك في الوحل بالفعل، ولوثت يدَك بالدماء أنت من اخترت واستطعت فك رموز لم يجرؤ أحدٌ على فعلها من قبل.

اختفى هذا الكيان بضحكات تهز أرجاء المكتبة وتساقطت الكتب على أثرها، وسمع صوت يأتي من خلفه يقول:

-لقد حذرتك وأنت لم تنصت لي. استدار ياسر ليعرف من صاحب الصوت فإذا هو بائع الكتب ليهرول عليه ويقول:

- أنت من تسبب في ذلك لقد بحثت عنك ولم أجدك، ماذا يحدث لي تكلم أريد الخروج من هذا المأزق...

فقال له:

- أنا حذرتك أنت لم تنصت لي هذا كان اختيارك، وأيضًا الكتاب أنت من اختارته وذهبت إليه بمحض إرادتك، لا تلُمْ غير نفسك وهذا العالم صعب الخروج منه وخصوصًا إذا كان شخص مثلك حل رموز الكتاب بأكمله، أنت استطعت فك شفرة استدعاء أشرس أنواع الجان وهو "دهار" المسئول عن الأذى فيتربص بالضحية في الأحلام، فمن أجل أن تُحرر قبيلته من قبضة قبيلة أخرى يجب أن تُقام طقوس التضحية، وأنت من سيقوم بفعل ذلك؛ لأنك من استدعيته من أسره وحررته لكن بجهل، ومن أجل ذلك لن يتركك إلا بموتك أو تقديم تضحية.

فردَّ عليه:

- ماذا تقول أنا لم أفعل ذلك؟ وأجهل كيف حدث! وأيضًا لم أُلوث يدي أو أقتل أحد، رمقه بائع الكتب بسخرية قائلًا:

- أنت بالفعل قدمت أول أضحية، هل تعتقد إنك كنت تحلُم عندما رأيت صديقك؟ لقد تم قتله بالفعل وأنت من قتلته

فرد عليه فزعًا:

- لا ماذا تقول لم أقتل لقد رأيت نفسي فجأة هناك وفي يدي سكين مملؤة بالدماء...

أنت لم تُنقَل فجأة يا ياسر بل تم احتلال جسدك من قِبَل "دهار" الذي ترك لك الكتاب عندما أتى إليك في هيئة ريح وتركه بجانبك، وعندما أمسكته وتصفحت أوراقه كان باب الموافقة لترى مستقبلك واحتلال جسدك خصوصًا أنت بهذا الضعف، وعندما استيقظت في منزل صديقك كانت مهمة "دهار" انتهت

فرد ياسر في حزن:

- ماذا تقول صديقي قُتِل بالفعل على يدي لا؟ هل أصبحت قاتل أم أنا ضحية؟

فقال له البائع:

- لا توهم نفسك أنت كنت تريد ذلك و "دهار" نفذ ما تمنيت وأنطق به على لسانك! لم يختار الضحية أنت من اخترت وهو نفذ ما أردت، وأيضًا لم يفعل شيئًا دون رغبة أحد، أفهمت يا ياسر؟ 

- ماذا تقول أنا كنت أهددهم فقط بسبب فعلتهم بي- يابنى الجان لايعرف ما تقول، الآن الدور على صديقك الآخر، وإذا لم تقُم بقتله سيحتل جسدك "دهار" ويقتله،  هو بيدك إذا قاومت ذلك ستُقتَل أنت نيابة عنه، وتُقتَل عائلتك أيضًا، لذلك ظهر لك جان من أتباع "دهار" على هيئة والدتك، ليعلموك أنهم يستطيعون أن يصلوا لمن يريدون

- ماذا أفعل الآن فى كلتا الحالتين، مصيري الموت سواء مشنوقًا من قِبَل الشرطة أم مقتولًا من قِبَل الجان

فقال له:

- لاتقلق، استمع لما يقوله لك الجان وستسْلم من ذلك.

فرد عليه ياسر:

- من أنت لتقول لي ذلك! كيف تعرف كل هذا؟

فردَّ عليه في شموخ قائلًا:

- أنا السراب ليس له مكان ولا زمان، أظهر في كل مكان، أراقب بأعين ثاقبة، لحين يأتي الموعود؛ لكي أتحرر من مصيري لأصبح حُرًا مثل الطير.

 قصة الرهان المميت البارت الرابع للكاتبة / أسماء يماني