خواطر غيم للكاتبة ندى محمد يعقوب

0 مراجعة

 



خواطر غيم للكاتبة ندى محمد يعقوب


جلسـت في غرفتـي، وصوت أمـي وأبي يزيد في قلبي المهتريء ندبـة جديدة، أمسكت بهاتفي، وحاولت أن أصُم أذني، لا أود أن أسمع لمـاذا يتشاجران ؟
رأسي تؤلمنـي؟
هل سيتوقفان بعد قليل؟
كنت أنظر إلى شاشة هاتفي، لكن رأسي كانت مُغيبة، كنت أحاول، و أحـاول أن أصمد كما كنت أصمد كل مرة، لماذا يفعلان بي هكذا ؟
شمراخ بدني لا يرحمني، وكـل أعضـاء جسدي الهزيلـة تُُعلن الحرب عليَّ، أرجوكما توقفـا، لكن وهل يسمعونني وسط تلك الضوضـاء ؟
اللهم قلبـي فأنه لا يحتمـل .


 مضيـتُ عمـري كلـَّه غريبٌ علـى رفـاقي، ومن أحببت حتـى عائلتـي عادةً مـا كانوا ينبذوننـي؛ لاختلافي عنهم في كثير من الأمـور، جاهدت سنينًـا؛ حتـى أُثبت للعالم، ولـنفسي المـُرتابـة أننـي حقًـا لـي هدف في تلك الحيـاة كأي شخص نـاجح.

كنت أدعم نفسي بنفسي، وأحـاول أن أُحيطها بالأمـان الذي تفتقده، ربَّتُ علـى قلبي آلآف المـرات؛ لأننـي أعلـم أن لا أحد يدري بمـا يجـول بـه من عبثٍ سـواي أنـا وخالقـه، كنت أُحـاول أن أُعوِّضـه عن الحـب المفقـود، كنتُ لنفسي كـل شيء؛ المأمن، والمُحب، والمسكن، والداعم، والضِّمـاد.

لا بـارك الله في كـل مـرة أحسسـت فيهـا أننـي قليلٌ، لا أستحـق أي حب، أو أن أكـون غاليـة علـى أحدهم.

كـانت أحلامـي لَصِبة، ولكننـي فعلتها رٌغمـا عن أنـوفِ الجميعِ.


أصـاب البـوى لُبِّي بِكثـرة؛ فبـاتَ الطريقُ أمضَّا عليَّ أن أُكملـه، الباثقُ من الإرغام على أمـور أبغضها، والنقـد الهدَّام الذي يزيد صدى الألم في لُبِّي المُهتريء عجِيجًا.

 التشتُّت والتردُّد اللعينان اللذان لم يعتزلا شمراخ بدني منذ ولدتني أمـي، عليلةٌ بتحليلِ الأمـورِ، فلا أمرُّ مرورَ الكرامِ علـى طوارف الرفـاق، وإن ظهر أنـي تخطَّيتُها فرأسي لا ترحمني، وأظل أدور وأدور في غور أفكـاري التي لا تنتهي عن ما يقصده مُتلفِّظ الحديثِ؟

فكـونك لا تدري عن كـلِّ ما ذكرت، وتأتي لتحـاسبنـي علـى ضيـاع مُهجتي منـي، وتخبرنـي أننـي تغيَّرت، وتُخبرني أنك تظعنُ عليَّ فقط؛ لأنك تحبني، لِمَ يقـومُ النـاسُ بزيادةِ البوى على من حولهم؟

لِمَ لا تكُن ضمـادًا، أو تذهب بسلام؟

لِكلِّ منـا ما يُكدِّره، ولكلِّ منا ماضٍ كامدٍ نحـاولُ أن نتناساه؛ حتى نُكملَ الطريقَ السـابغَ، الذي يتوجَّب علينـا إردافَه رُغمًـاعن أنوفِنـا.

لا تكُن فظَّا معي، وتُحمِّلنـي ما لا طاقة لي به، فأنا بشرٌ، ولـي ذلَّاتـي كأي خلقِ الله، فكُن رفيقَا لطيفًا يُكانف الروح علـى المُضيَّ.

آزرني، وطمئِن روحي المجؤوثـةَ بدلًا من تنديدي علـى أمـورٍ اقترفتُها غير عامدٍ.


كُنت دائمًـا أُحـاول الخـروجَ من ديجـورِ أيـامـي بكـل مـا أُؤتيت من أمـلٍ، أُفكِّـر بايجـابية، أقرأ كتبًا عن التنميةِ الذاتيـةِ؛ حتـى لا أقـعْ في مستنقعِ وحـل ٍلا مجال للخروجِ منه، لكننـي كنت علـى علـمٍ أنني مهما حاولتُ تحسين الأمـرِ؛ فأنه لا بد من وجودِ بعض المنحدراتِ؛ التـي ستُثبِّطني في طريقي إلـى آمـالي، فكنتُ أقعُ في منحدرٍ مُظلـمٍ، وأبدأ المحاولةَ في الخـروجِ؛ فأخرج.

وأعودُ بعدها بفتـرة إلـى نفسِ المستنقـعِ المظلـمِ.

إنَّ الحيـاةَ تتغير باستمـرار، ولا تعتمد الثَّبات أبدًا، ودائمًا مـا كُنت أُذكِّـر نفسي بهذا؛ حتـى أستطيـعَ تحمُّـل الأيـام المظلمـة.


عُرفت بـكبـريائي الشَّديد، وحبِّي لنفسـي قبل كلِّ شيء، ثم تجمعنـا الصُدف  ، أحببتك بشدة، ولـم أُظهـر ذلك، كثيرون من قُمن بِنعتـي أننـي حمقـاء، وسأُضيعـك من بين يدي، كنت أخبرهم أنك تُحبنـي بصدق، ويستحيل أن تهجرنـي، لكنك هجرت وأنـا علـى درايـةٍ بأننـي أسكنك من الداخـل .

كُنت ذا كبرياء مثلـي، ويُحـرم الكبريـاء فـي الحب، لكننـا كنـا أول عاشقيـن نفعلها، بل ونتـرك الحب، ونطمسـه لأجـل كبريـائنـا، لـم أتـوقَّف عن حُبـك، ولـم تتـوقَّف عن حُبي، كان نابضي يُؤلمنـي لاحتياجـه لقلبـك بينمـا كـان عقلـي يصفعـه بقـوة مُخبـرًا إيـاه أن الحب للضعفـاء، ومن يُذل نفسَـه لأجـل الحب فهو سفيـه، ولأنك تُشبهنـي بشكـل مهـول كنت مُتيقِّنـة أيضًـا أنـك تُعانـي بمثل معاناتي بل وأكثر .


 

كنت أجلس في غرفتي المُكْفَهِرّة، أضُم ساقيَّ إلى صدري، أبكي بصوت مُرتفع نسبيَّا؛ بسبب شدَّة ظلامِ أفكاري، بينما كانت رأسي تُعلن عليَّ الحرب، وتبدأ في تنديدي بكل شيء اقترفته طيلة سنين عمري، أظـل على جلستي لسـاعات أستحضرُ مواقفًا، أُعاتب قلبي، وكل جوارحي، وأظلـم نفسي، وإن أردتُ أن أقولَ الحـقَّ؛ فأنـي كنت أظلـم نفسي في كل المعادلات خوفًا على إيذاء من أحب بأحرف نطقها لسـاني دون قصدي، كنت أنتظر عنـاقًا ينسيني تلك الأيـام العاصفـة التي تُشبه العلقم بمُرِّها، كـل الآذان لم تسمعني، كـل القلـوب لم تشعر بي، عشت منبوذةً أُصـارع الحيـاة وحدي، ونسيـت أن معي نفسي إن أحببتها فستكون جيشي، لكن وكيف أُفكر بذك، وقد كنت معـها شخصًـا شكسًـا، ألدَّ الخصـام، لا أسامحها، ولا أربِّت عليها فقط كنت أزيد عليها الضغوط، وكان يظهـر أثرها على جسدي الهزيل، وعينـاي الذابلتـان؛ حتى ظننت أن جسدي سيتحـوَّل إلى أشلاء من شدة ضعفه.


خواطر غيم للكاتبة ندى محمد يعقوب

 


 

 

شراء نسخة ورقية

شارك الكتاب لتنفع به غيرك

قد تعجبك هذه الكتب أيضاً

اكتب مراجعة

0 مراجعة

7553333826143766576
https://www.safaqat-kitabia.com/